بناء المناعة ضد فيروس الكراهية

تصاعد حدة خطاب الكراهية
نحتفل اليوم للمرة الأولى باليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية. حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 يونيو لهذه الغاية، بعد أن دق الأمين العام أنطونيو غوتيريش جرس الإنذار بشأن "تسونامي الكراهية ورهاب الأجانب، وإلقاء اللوم على الغير، والوصم بالعار واستخدام لغة تحط من شأن الأشخاص، أو معادية للنساء، أو عنصرية، أو معادية للأجانب، أو للإسلام أو للسامية"، الذي اجتاح العالم.
نشهد جميعًا على مدى قوة تأثير "أداة" خطاب الكراهية في التحريض على التمييز والعنف وتعميق الانقسام وتقويض التماسك الاجتماعي داخل المجتمعات أو فيما بينها.
عادة ما يكون خطاب الكراهية تعبيرًا عن الإنكار. إنكار الاحترام والإدماج والتنوع. إنه يتعارض مع جوهر حقوق الإنسان. إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لردع هذا الخطاب، فيمكن أن يؤجج التوترات والاضطرابات الاجتماعية، وحتى إشعال فتيل الصراعات العنيفة التي يمكن أن تؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. هذا ما يحصل تحديدًا عندما يتم استخدام خطاب الكراهية من قبل أشخاص مؤثرين في مجتمعاتنا. يلعب القادة السياسيون والدينيون دورًا أساسيًا في التخفيف من الكراهية داخل المجتمعات، لا سيما بين جمهورهم. إن القادة الذين يتبنون مبدأ الإدماج ويمنحون مساحة للجميع ويحترمون التنوع ويقدرون الاختلافات في الرأي، سيشهدون على ازدهار مجتمعاتهم. لكن تقع علينا جميعًا مسؤولية التوقف عن كره التعبير عن ذاتنا. يبدأ ذلك منّي ومنك. يجب أن نرفع الصوت بشكل فردي وجماعي ضد الكراهية.
وسائل الإعلام الإلكترونية: منبر لخطاب الكراهية أم حرية التعبير؟
للأسف، فإن انتشار الكراهية ليس بالأمر الجديد، هنا في الجبل الأسود أو في أي مكان آخر. إن خطاب الكراهية وتأثيره إلى ازدياد بشكل أكبر وأسرع من أي وقت مضى، لا سيما وأن وسائل التواصل الاجتماعي توفر منصة عالمية لنشر الكراهية. يتم إنتاج خطاب الكراهية عبر الإنترنت وتوزيعه بسهولة، وبتكلفة منخفضة، وغالبًا من دون الكشف عن هوية أصحابه، بحيث يصل إلى الجمهور العالمي في الوقت الفعلي. تكشف هذه الظاهرة هشاشة الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم، حيث كانت هناك دعوات إلى مساءلة هذه المنصات، ومطالبتها بالتزام الاعتدال وإزالة المحتوى الإلكتروني المسيء. لقد أثارت هذه الدعوات جدلًا واسعًا حول الحدود بين حرية التعبير والرقابة.
لكن التصدي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد حرية التعبير بشكل تعسفي. بل يعني منع تحوّل الكراهية إلى شيء خطير، لا سيما التحريض على التمييز والعداء والعنف، والتي - كما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - التي يحظرها القانون. تدعو الأمم المتحدة إلى إعلاء لغة الحوار أكثر فأكثر. حرية التعبير هي القاعدة. الحد منها هو الاستثناء. لكن التعبير يجب أن يحترم حقوق وكرامة الجميع، نساءً ورجالًا وأطفالًا وذوي إعاقات وكبار السن وأقليات عرقية ودينية وجنسية وغيرهم. أرحب باتخاذ الجبل الأسود إجراءات قانونية في القضايا المرتبطة بالتحريض على التمييز والعنف. يشكل العمل السريع المفتاح في جميع الحالات لتحقيق العدالة للضحايا ووضع حد للأضرار التي قد تحصل في المستقبل داخل المجتمع.
خطاب الكراهية والأذى الذي يسببه
إن تسليح الخطاب العام لتحقيق مكاسب سياسية ليس بجديد. لقد أثبت التاريخ أن خطاب الكراهية يؤدي إلى جرائم فظيعة. لم تبدأ محرقة اليهود بغرف الغاز، ولكن بخطاب الكراهية. تلقي هذه الدروس مسؤولية كبيرة على عاتقنا جميعًا للتصدي لخطاب الكراهية ومنع الضرر في المستقبل.
الصمود في وجه الكراهية
تدعو الاستراتيجية العالمية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية، اللتين تم إطلاقهما في عام 2019، إلى اتباع نهج شامل لمعالجة هذه الظاهرة. وتدعوان إلى رصد وفهم ديناميات خطاب الكراهية، من أجل تفعيل الإنذار المبكر ودعم التشريعات الوطنية للتصدي لهذا الخطاب. الوقاية أمر لا بد منه. كما أن التعليم هو المفتاح، لأنه يمتلك القدرة على تحويل المجتمع وهو أداة لمعالجة الأسباب الجذرية والدوافع الكامنة وراء خطاب الكراهية. يمكننا من خلال التعليم تعزيز مجتمعات سلمية وشاملة وعادلة للجميع، بما يتماشى مع رؤية خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
يُعدّ التعليم الرقمي والتثقيف الإعلامي أساسيين للجميع، لا سيما الشباب، من أجل التفاعل مع وسائل الإعلام ومصادر المعلومات الأخرى، وغرس المسؤولية والتفكير النقدي عند استخدامها وتحليلها. من خلال التفكير النقدي سنرفض ونبني مناعة ضد فيروس الكراهية.
لا شك أن مواجهة خطاب الكراهية تتطلب استجابة على نطاق المنظومة. نحن بحاجة إلى تعبئة المجتمعات، والعمل حتى عبر الحدود.
وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة: "تشكل الكراهية خطرًا على الجميع - لذا فإن محاربتها يجب أن تكون مهمة للجميع".
كتب هذه المدونة المنسق المقيم للأمم المتحدة في الجبل الأسود بيتر لوندبيرغ. تم نشرها أولًا في إحدى الصحف المحلية، على هذا الرابط. نحن ممتنون لزملائنا من فريق الأمم المتحدة القطري في الجبل الأسود على المواد والمعلومات المقدمة. لمعرفة المزيد حول عمل الأمم المتحدة في الجبل الأسود، قم بزيارة: Montenegro.UN.org.